[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]ي البداية قاد شركة البرمجة SAP نحو نجاح عالمي منقطع النظير، والآن نجح في الانتقال بنادي كرة القدم هوفنهايم إلى الدوري الألماني الممتاز (بوندسليغا). لمحة موجزة
بقلم مارتين أورت
ديتمار هوب على الأرض. رجل النجاح يجلس على العشب في ملعب كرة القدم. نجاح باهر. ولكن غريزة النجاح تتحرك من جديد وتتطلع نحو هدف آخر. بلباس النادي الأزرق يتحرك وكأنه قائد أوركسترا يقود أداء أغنية النادي المحبوبة "هيلا هوب، TSG نجاح كبير". ففي هذا اليوم من شهر أيار/مايو حقق فريق TSG هوفنهايم أمنية الانتقال إلى مصاف الدوري الألماني الممتاز بكرة القدم "بونسدليغا". الفريق القادم من القرية الصغيرة حقق نجاحا كبيرا منقطع النظير في سرعته، إذ أنه تمكن خلال ما يقرب من عقدين من الزمن فقط من الانتقال من أدنى مستويات دوري الهواة إلى أعلى مستويات الكرة الألمانية إلى البوندسليغا، التي تمثل أرفع مستويات الكرة الألمانية. يحتفل هوب بكل سعادة مع "شبانه" بهذا النجاح الكبير. حيث أن ديتمار هوب هو أب وصانع هذا النجاح.
ولكن من هو هذا الرجل؟ ديتمار هوب الناجح والملياردير ومشجع الرياضة والفن، كما أنه عاشق لموطنه ومجنون بكرة القدم ومثابر على النجاح. ولد ديتمار هوب في هايدلبيرغ في العام 1940، وترعرع في قرية هوفنهايم الواقعة بين مدينتي هايدلبيرغ وهايلبرون، والتي لا يزيد عدد سكانها عن 3300 نسمة، ومازال منزل والديه قائما حتى الآن في وسط القرية. لعب في شبابه كرة القدم كمهاجم في فريق نادي TSG المحلي. ويقول عنه أحد زملائه في اللعب آنذاك: "كان يقدم دوما على المخاطر". كانت مكافأة الأهداف عبارة عن بعض من المقانق الطازجة من لحام القرية. "يا بني! عليك أن تغدو مدرسا!" كانت عبارة أمه دوما. ولكن الفتى كان يجيب: "أمي، سأغدو مليونيرا".
من الواضح أنه كان يعرف كيف يمكن للمرء أن يغدو مليونيرا. بالموهبة والأفكار والعمل الدؤوب. تمكن من تمويل دراسته في مجال برمجة الكومبيوتر من خلال العمل في حصاد الشمندر. كان يعمل في توزيع أنواع الكرنب والملفوف ويجمع حلزون العنب للمطاعم. ثم بدأ حياته المهنية في مجال تطوير البرامج في شركة IBM. بعدها اتخذ الخطوة المهمة في مسيرة حياته. ففي العام 1972 أسس مع أربعة من زملائه شركة SAP في مدينة فالدورف القريبة. كان واثقا من النجاح، وعمل بكل جد ومثابرة حتى دخلت شركته سوق البورصة. يقول هوب: "بعد ذلك لم يكن هناك شيء يوقفنا". اليوم يعمل في "شركته" أكثر من 50000 إنسان، وهي تعتبر أكبر شركة برامج كومبيوتر في العالم من حيث عدد العاملين. وديتمار هوب اليوم ملياردير.
في لحظة معينة فكر هوب: "الآن يكفي! لقد أمنت مستقبل أسرتي"، وبدأ بالانسحاب من الشركة بشكل تدريجي، كما شرع في تأسيس "حياة ثانية" على أسس جديدة. كانت غايته أن يرد الجميل لهذا المجتمع الذي ساعده على تحقيق نجاحاته الباهرة. ولهذا قام بتقديم الدعم المالي لشركات تقنية ناشئة كانت تجري أبحاثا في علاجات ومحاربة أمراض السرطان والشيخوخة. أما الملايين التي يدفعها الآن لهيئة ديتمار هوب الخيرية فقد كان يدعم بها الجامعات والمستشفيات والمدارس ودور العجزة والنشاطات الرياضية. وقد كانت كل جهوده متركزة على منطقة الراين والنيكر التي يتحدر منها. يقول هوب: "أريد فعل شيء ما، هناك حيث أعيش وحيث لعبت كرة القدم. عندما أسقي مكانا غريبا، تتبخر المياه وتذهب سدى".
قام هوب ببناء صالة SAP الكبيرة في مدينة مانهايم. وهو يقدم الدعم المالي لأندية هوكي الجليد وكرة اليد، كما أسس نادي سانت ليون روت للغولف، بالإضافة إلى جهوده الكبيرة في "ناديه" TSG هوفنهايم لكرة القدم. وقد بدأت قصة النجاح عندما بدأ في تمويل النادي وتنظيمه، ثم جاءت خطة عمل ناجحة. حيث قام بتطبيق جدية وأسلوب العمل في الشركة على نادي الكرة، وسعى إلى تأسيس بنية جديدة قوية، واستقدم خيرة المدربين، واعتمد على جيل الشباب، وسعى إلى تقوية الفريق. كل ذلك بمجهود شخصي جبار وبالكثير من المقدرة على الإقناع. "لقد جريت أربعة أسابيع خلف رالف رانغنيك"، يؤكد هوب. وقد نجح بإصراره على كسب هذا المدرب المخضرم الذي قاد سابقا فريق شالكة 04 إلى بطولة أبطال الدوري. واستقدم المدرب النجم إلى قرية صغيرة، أو بالأصح إلى دوري الدرجة الثالثة.
نجحت الخطة، وبعد سنتين فقط لعب فريق TSG هوفنهايم في دوري الدرجة الممتازة، وبدأ الموسم بتصدر اللائحة. في كل مكان في المنطقة تنتشر مراكز الشباب، حيث يمكنهم لعب كرة القدم بالإضافة إلى حصولهم على رعاية شخصية ومدرسية ومهنية. وقد قام اتحاد كرة القدم الألماني (DFB) بمنح هوفنهايم لقب مدرسة كرة القدم المتميزة لعام 2008. كما أكد خبير الكرة رالف رانغنيك بأنه لن يقوم باستقدام أي لاعب يزيد عمره عن 25 سنة.
إلا أن هذا المشروع الرائد لا يصادف أياد مرحبة وأبوابا مفتوحة فقط. فغالبا ما يتم إجراء المقارنات بأشخاص أنفقوا الملايين على أنديتهم خلال فترة قصيرة، ولكنهم سرعان ما اختفوا أيضا. هذه المقارنات تزعج ديتمار هوب. هذا المشروع يعيش بالفعل من مبدأ الاستمرارية. يقول هوب: "لا أفهم الناس الذين يعتقدون أن الأندية الكبيرة العريقة لها فقط حق البقاء. ولو طبق المرء هذا المبدأ على الاقتصاد، لما كان هناك اليوم مايكروسوفت ولا غوغل ولا SAP".
ديتمار هوب يجلس على شرفة نادي نادي سانت ليون روت للغولف، حيث يدير نشاطاته المختلفة، ويخطط للمستقبل من جديد. في زينسهايم، وعلى مقربة من الطريق السريعة (أوتوبان) رقم 6 يتم اليوم بناء ملعب كبير لكرة القدم يحمل اسم راين نيكر. وستنتهي أعمال البناء مع مطلع العام 2009، وسوف يتسع الملعب لحوالي 30000 مشاهد. ومع بلوغ هوب سن السبعين في عام 2010 سيكون النادي قادرا على الاستمرار ذاتيا دون الحاجة إلى دعم مالي. هل هذه مجرد آمال وأحلام؟ لا! إنها حسابات وخطط مدروسة. "أتمنى أن يكون النادي قادرا على ذلك". ففي بنية النادي مازالت تتجلى روح رجل الأعمال.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] 
